قصة المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد
كثير من الإخوة والأخوات لم يسمعوا عن تلك المناضلة الجزائرية ،لأنها اندثرت أخبارها بعد تحرير الجزائر والاستقلال وبعد زواجها من المحامي الفرنسي الذي دافع عن قضيتها في الجهاد لتحرير بلادها من الاستعمار الفرنسي.
جميلة بوحريد هي مجاهدة جزائرية تعد الأولى عربياً،إبّان الثورة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي لها، في منتصف القرن الماضي. ولدت في حي القصبة بالجزائر العاصمة عام 1935 كانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها فقد أنجبت والدتها 7 شبان، واصلت تعليمها المدرسي ومن ثم التحقت بمعهد للخياطة والتفصيل فقد كانت تهوى تصميم الأزياء. مارست الرقص الكلاسيكي وكانت بارعة في ركوب الخيل إلى أن اندلعت الثورة الجزائرية. انضمت إلى جبهة التحرير الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي وهي في العشرين من عمرها ثم التحقت بصفوف الفدائيين وكانت أول المتطوعات لزرع القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي، ونظراً لبطولاتها أصبحت المطاردة رقم 1. تم القبض عليها عام 1957 عندما سقطت على الأرض تنزف دماً بعد إصابتها برصاصة في الكتف والقي القبض عليها وبدأت رحلتها القاسية من التعذيب من صعق كهربائي لمدة ثلاثة أيام بأسلاك كهربائية ربطت على حلمتي الثديين وعلى الأنف والأذنين. تحملت التعذيب ولم تعترف على زملائها ثم تقرر محاكمتها صورياً وصدر ضدها حكم بالإعدام وجملتها الشهيرة التي قالتها آنذاك" أعرف إنكم سوف تحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا إنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة". بعد 3 سنوات من السجن تم ترحيلها إلى فرنسا وقضت هناك مدة ثلاث سنوات ليطلق سراحها مع بقية الزملاء سنة 1962
- التفاصيل :
جميلة بوحريد فتاة جزائرية مناضلة ضد الاستعمار الفرنسي إبان استعماره الجزائر .
تدرك الفتاة الجزائرية جميلة منذ شبابها بوعي مأساة وطنها ويتكشف لها عالم الكفاح والنضال وعن طريق (يوسف)قائد الكفاح المسلح في المنطقة يتخلق الوعي عند جميلة بضرورة المشاركة فتنضم إلى المجاهدين ويتم القبض على عمها ويقتل بيد الفرقة الأجنبية وتنضم جميلة إلى معسكرات الثورة في جبال الجزائر ويقبض على جميلة وتعذب عذابا شديدا لكي تعترف على زملائها .
فما مصير جميلة بعد كل هذا العذاب؟هل تعترف على أصدقائها في مشوار الكفاح؟ هذا ما سنعرفه في الأتي :
جميلة بوحريد :فتاة لايتجاوز سنها الثانية والعشرين عام جزائرية الجنسية لها خمسة أشقاء، هي أكبرهم سنا، علمها الفداء عمها مصطفى،لأنه رأى حبها لوطنها ورغبتها في أن تؤدي دورا لبلدها الجزائر،وكان عمها مصطفى عضوا بجبهة التحرير الجزائرية ، وتم إلقاء القبض على عمها مصطفى وإعدامه ، كما تم إلقاء القبض على أخيها الذي لم يتجاوز الخامسة عشر سنة وتعذيبه فاستشهد أثناء التعذيب.
كان دور جميلة النضالي يتمثل في كونها حلقة الوصل بين قائد الجبل في جبهة التحرير الجزائرية ومندوب القيادة في المدينة (يوسف السعدي) والذي كانت المنشورات الفرنسية في المدينة تعلن عن مائة ألف فرنك ثمنا لرأسه.
وفي احد الأيام كانت جميلة متوجهة (ليوسف السعدي)برسالة جديدة ،لكنها أحست أن ثمة من يتبعها؟
فحاولت الهروب،غير أن جنود الاحتلال طاردوها وأطلقوا عليها الرصاصات التي استقرت إحداها في كتفها الأيسر وحاولت المناضلة الاستمرار في الانفلات غير أن ابنة الثانية والعشرين سقطت بجسدها النحيل الجريح.
أفاقت في المستشفى العسكري حيث كانت محاولة الاستجواب الأولى لإجبارها على الإفصاح عن مكان يوسف السعدي ،أو حسب التسمية (ياسيف السعدي) غير أنها تمسكت بموقفها ،فادخلها جنود الاحتلال في نوبة تعذيب استمرت سبعة عشر يوما متواصلة وصلت إلى حد أن أوصل التيار الكهربائي بجميع أنحاء جسدها ،وإطفاء أعقاب السجائر في صدرها وأنحاء كثيرة من جسدها الضعيف المنهك حيث لم يحتمل الجسد النحيل المزيد وأصيبت بنزيف استمر خمسة عشر يوما .
لكن لسان جميلة وجسدها كان أقوى من كل محاولات معذبيها ،بعدها انتقلت جميلة لسجن (بار بدوس) أشهر مؤسسات التعذيب في العصر الحديث "حيث بدأت نوبات أخرى من التعذيب استمرت إحدى جلساتها إلى ثماني عشر ساعة متواصلة حتى أغمى عليها وأصيبت بالهذيان ،ثم بعدها السماح لها بوجود تحقيق رسمي ، حيث حضر هذا التحقيق المحامي الفرنسي (ميسو قرجيه) الذي قال لجميلة بمجرد توليه الدفاع عنها (لست وحدك ،فكل شرفاء العالم معك)ورغم أن القاضي المشرف على التحقيق رفض منحه ساعة واحدة للجلوس معها للاطلاع على ملابسات القضية ؟ولم يستجب الابعد أن هدد بالانسحاب من القضية وأيدت جميلة التهديد بأنها لن تجيب عن أية أسئلة في غير وجود محاميها واستمر التحقيق معها قرابة الشهر.
بدأت المحكمة في يوم 11 يوليو 1957 بعد انتهاء التحقيق وبعد أن رفض عديد من المحامين الفرنسيين الاشتراك في الدفاع عن جميلة بوحريد لرفض المحكمة اطلاعهم على ملف القضية ولرفضها أيضا استبعاد التحقيقات التي أخذت خلال جلسات التعذيب .
وكانت اعترافات زميلتها (جميلة بوعزة )19 سنة تقول :انه بناء على إشارة من جميلة بوحريد وضعت قنبلة في سلة المهملات يوم 9 نوفمبر 1956 وفي يوم 26 يناير 1957 وضعت قنبلة ثانية انفجرت في مقهى آخر نتج عنه قتل شخصين .
وانتهت المحكمة بتوجيه التهم التالية لجميلة بوحريد (إحراز مفرقعات والشروع في القتل والاشتراك في حوادث قتل وفي حوادث شروع في قتل وتدمير مبان بالمفرقعات والاشتراك في حوادث مماثلة والانضمام إلى جماعة مسلحة من القتلة ) وخمس من هذه التهم عقوبتها الإعدام (وحكمت بالإعدام ) .
غير أنها وقفت وقالت بثبات (أيها السادة إنني اعلم أنكم ستحكمون علي بالإعدام ،لان أولئك الذين تخدمونهم يتشوقون لرؤية الدماء ومع ذلك فانا بريئة ،ولقد استندتم في ذلك إلى أقوال فتاة مريضة وتقصد زميلتها جميلة بوعزة ورفضتم عرضها على طبيب الأمراض العقلية بسبب مفهوم والى محضر تحقيق وضعه البوليس ورجال المظلات وأخفيتم أصله الحقيقي إلى اليوم ،والحقيقة أنني أحب بلدي وأريد له الحرية ولهذا أؤيد كفاح جبهة التحرير الوطني... بعد ذلك خفف الحكم للمؤبد وبعدها أعلن استقلال الجزائر .
بعد الاستقلال، تولت جميلة رئاسة اتحاد المرأة الجزائري، لكنها اضطرت للنضال في سبيل كل قرار وإجراء تتخذه بسبب خلافها مع الرئيس آنذاك، أحمد بن بلة. وقبل مرور عامين، قررت أنها لم تعد قادرة على احتمال المزيد، فاستقالت وأخلت الساحة السياسية. وهي ما تزال تعيش في العاصمة الفرنسية حتى الآن، متوارية عن الأنظار. لكن المرات القليلة التي ظهرت فيها أمام الناس أثبتت أن العالم ما زال يعتبرها رمزاً للتحرر الوطني.